اعلم وفقك الله أن الله تعالى قد يبتلي العبد في الدنيا وذلك لأمور منها:
1- الفتنة والامتحان:
قال تعالى: }الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ *
وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ{ [العنكبوت: 1-3]
وقال تعالى: }أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ
وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ{ [البقرة: 214]
ويأتي هذا الامتحان في شدته على قدر الإيمان، فعن سعد رضي الله عنه قال: قلت لرسول الله r:
أي الناس أشد بلاءً: قال:« أشد الناس بلاءً الأنبياءثم الأمثل فالأمثل
يُبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان دينه صلبًا اشتد بلاؤه
وإن كان في دينه رقة ابتلي على حسب دينه فما يبرح البلاء بالعبد
حتى يتركه يمشي على الأرض ما عليه خطيئة »
الراوي: سعد بن أبي وقاص المحدث: ابن حبان - المصدر: المقاصد الحسنة - الصفحة أو الرقم: 83
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
وقال r: «إن عظم الجزاء مع عظم البلاء وإن الله إذا أحب قومًا
ابتلاهم فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط».
الراوي: أنس المحدث: المنذري - المصدر: الترغيب والترهيب - الصفحة أو الرقم: 4/223
خلاصة حكم المحدث: [إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما]
2- تكفير الذنوب ورفع الدرجات:
عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله عنهما عن النبي r قال:
«ما يصيب المسلم من نصب، ولا وصب ، ولا هم
ولا حزن، ولا أذى، ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه»
الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 5641
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
والذي نفسي بيده ! لا تذهب الدنيا حتى يمر الرجل على القبر فيتمرغ عليه ، ويقول : يا ليتني كنت مكان صاحب هذا القبر . وليس به الدين إلا البلاء
الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 157
خلاصة حكم المحدث: صحيح
وكذلك فقد تصيب المؤمن المصيبة فترفع درجته في الآخرة إذا صبر واحتسب.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله r:
«إن الرجل لتكون له المنزلة عند الله فما يبلغها بعمل، فلا يزال الله يبتليه
بما يكره حتى يبلغه إيّاها».
الراوي: أبو هريرة المحدث: المنذري - المصدر: الترغيب والترهيب - الصفحة أو الرقم: 4/223
خلاصة حكم المحدث: [إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما]
ومن هذا الباب المرض فقد يكفر الله ذنوب عبد بمرض يصيبه
فعن عائشة رضي الله عنها عن النبي r:
«إذا اشتكى المؤمن أخلصه من الذنوب كما يخلص الكير خبث الحديد».
الراوي: عائشة المحدث: المنذري - المصدر: الترغيب والترهيب - الصفحة أو الرقم: 4/227
خلاصة حكم المحدث: [إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما]
ولذلك علمنا رسول الله r أن ندعو بالطهور للمريض تيمنًا أن يطهره الله من ذنوبه .
إذًا فتعجيل العقوبة في الدنيا للعبد الصالح إنما هو خيرٌ له، فعليه ألا يقنط أو ينحرف
عن الطريق لأن عذاب الآخرة أشدّ وأبقى بينما عذاب الدنيا مهما كانت شدته
فإنه يزول بعد فترة أو تعقبه السعادة الأبدية بإذن الله تعالى، بشرط أن يكون صاحبه مؤمنًا صالحًا .
وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله r:
«إذا أراد الله بعبده الخير عجّل له العقوبة في الدنيا
وإذا أراد بعبده الشر أمسك عليه ذنوبه حتى يوافيه يوم القيامة»، نعوذ بالله من ذلك.
3- التحذير من التمادي في المعصية:
فتأتي مصائب الدنيا بمثابة إشارات وتنبيهات من الله تعالى للعبد أنه غارق في معصيته
ويجب الرجوع قبل فوات الألوان كما قال الله تعالى:
}وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ{ [السجدة: 21].
وفي صحيح مسلم من حديث أبي ابن كعب رضي الله عنه في قوله تعالى:
}وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ{
قال: (مصائب الدنيا).
وقال الله تعالى: }فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ{
[الأنعام: 43] .
وأخبرنا الرسول r أن بعض الذنوب أجدر بوقوع عذاب الدنيا فقال:
«ما من ذنب أجدر أن يعجل الله تعالى لصاحبه العقوبة في الدنيا، مع ما يدخره له في الآخرة
من قطيعة الرحم، والخيانة، والكذبوإن أعجل الطاعة ثوابًا لصلة الرحم
حتى إن أهل البيت ليكونوا فجرة فتنمو أموالهم ويكثر عددهم، إذا تواصلوا».
4- عقوبة فحساب !!
نعم قد يأتي العذاب عقوبة لصاحب المعصية أو لأهلها ليكونوا عبرة وعظة لمن بعدهم كما فعل الله بالأمم السابقة
والسعيد من وعظ بغيره، ولكن من رحمة الله بنا أن الله لا يهلك أمة محمد rوآله وسلم بعذاب عام
فعن سعد رضي الله عنه قال r:
«سألت ربي ثلاثًا فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة سألت ربي أن لا يهلك أمتي بالسَّنة فأعطانيها
وسألته أن لا يهلك أمتي بالغرق فأعطانيها ، وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها».